فاكر أنت الشخص اللي كان في حياتك وكنت متأكد أنه بيأذيك ويتجاهلك، و مهما تقدم له مش بيقدم ليك نص اللي بتقدمه، و بعد تفكير طويل قررت تقطع علاقتك بيه..
لكن لقيت منه كمية أسف واهتمام غير عاديين، فجه في بالك أنك ظالمه، وهتديه فرصة تانية جايز يتغير..
بس الصادم هو أنك رجعت لنفس عطاءك، ورجع هو لنفس اهماله ولامبالته، فقررت تاني أنك هتقطع معاه، وبمجرد ما تاخد الخطوة.. يرجع تاني يغرقك حب واهتمام، فتقرر تديله فرصة تاني، وتكرروا نفس الأحداث..
-ركز معايا للنقطة اللي بتتكرر هنا:
وهي أن الشخص دا رغم اهماله بيبقى فيه تعلق بيه غير عادي، وأمل لمجرد ذرة اهتمام منه، وكل ما زاد اهماله زاد التعلق! خاصة لما في لمحة كدا يقدم الاهتمام، والحب، وبالتالي استحالة الخروج من العلاقة دي، وتحولها لنوع من الادمان..
-طب ليه دا بيحصل؟
وايه المنطق ورا أننا ننجذب لشخص زي دا؟
طيب خلينا الأول نعمل تجربة بسيطة كدا: هنفترض أننا هنحط في صندوق حمامة جعانة، وفي الصندوق دا زرار، لو الحمامة ضغطت عليه:
•مرة هينزلها أكل كل ما هتضغط على الزرار.
• ومرة تانية مش هينزلها خالص.
• والمرة التالتة هينزلها أكل، بس بشكل عشوائي، ومش دوري.
وفي النهاية نشوف رد فعل الحمامة ايه..
=في الحالة الأولى -مع كل ضغطة على الزرار- نزول الأكل هيبقى شيء مضمون، فمع الوقت هتفقد الحمامة اهتمامها بالضغط عليه، وهتلجأ لدا بس لما تحتاج تاكل.
=في الحالة التانية هيبقى مهما تضغط مفيش أكل بينزل، فهتبطل تضغط على الزرار خالص؛ لأن مفيش أي مكافأة.
=إنما في الحالة التالتة (اللي الأكل بينزل فيها بشكل عشوائي) ممكن يجي في بالنا في الأول أن الحمامة هتفقد اهتمامها بالزرار، لكن العكس هو اللي حصل، الحمامة بقت حرفيا مهووسة بالضغط عليه، لدرجة تحول الموضوع لحد الإدمان!
ودا اللي حصل فعلا في تجربة شبيهة بمثالنا دا، طبقها أستاذ علم النفس، والفليسوف (بورهوس فريدريك سكينر) على الحمام والفئران.
-طب ليه زاد اهتمامها بالشكل دا في المرة التالتة؟! ليه مش المرة الأولى مثلا؟
هقولك.. في الحالتين "الأولى والتانية" التعزيز كان مستمر (سواء إيجابي أو سلبي)، فخلق حالة من الثبات؛ لأن اللي هيحصل متوقع، لكن في الحالة التالتة لما التعزيز بقى مش مضمون، وعشوائي.. خلق حالة هوس اتحولت لإدمان حرفي! لأن في كل مرة الحمامة بتضغط على الزرار بيكون فيه أمل أن المرة دي هيتم اشباع جوعها، أو احتياجها بشكل عام..
ودا المعروف تحت مسمى:
"التعزيز المتقطع أو Intermittent Reinforcement"
وهو باختصار: إشباع احتياجات الشخص بشكل بسيط، وعشوائي، وغير دوري.. وبالتالي الشخص هيبقى دايما في حالة تأهب، واستعداد لأنه يستقبل الاشباع دا، حتى لو متقدملوش مرة واتنين، دايما هيكون فيه اعتقاد، وتوقع أنه في لحظة معينة غير متوقعة هيوصله!
ودا اللي بيعتمد عليه بصورة كبيرة ألعاب زي (القمار)، أن الشخص يحاول فيه بكل مجهوده أنه يعرف نمط التعزيز، ونيل المكافأة، بس مع كل مرة بيفشل بيزيد إدمانه للعبة..
التعزيز المتقطع بيتمثل في حاجات تانية كتير حوالينا منها: أننا كل شوية بنفتح السويشال ميديا، واحنا منتظرين لايك، أو كومنت زيادة، أو حتى رسالة معينة، ولما الاحتياج دا ميتمش اشباعه.. بنمسك موبايلاتنا بعدها بثواني على أمل أننا نوصل للمكافأة، أو التعزيز اللي منتظرينه، وتتكرر الأزمة..
لكن أكتر حاجة بيظهر فيها "التعزيز المتقطع" هي:
العلاقات البشرية..
اللي بتعتمد على أن اللي بيمارس "التعزيز المتقطع أو ال Intermittent Reinforcement" بيلبي احتياجات الشخص التاني بشكل بسيط أوي، ولما الشخص التاني يقرر يمشي يلاقي فجاءة اهتمام، وحب غير عاديين!
فيغير رأيه، ويكمل بس ساعتها التعزيز يرجع متقطع تاني، وبالتالي ميقدرش يخرج من العلاقة دي، وتتكرر الحلقة المفرغة نفسها..
-طيب هل اللي بيعمل كدا بيكون قاصد؟ ولا بيكون مش واعي لأنه بيأذي غيره؟
هو في الغالب اللي بيعمل كدا بيكون قاصد دا بشكل كبير، لكن في أحيان تانية قليلة ممكن ميكونش مدرك أنه بيأذي غيره، ودا غالبا بيكون في حالة الأشخاص اللي اتعرضوا لخبرات وحشة قبل كدا في علاقاتهم، فبيحاولوا يعوضوا دا بأنهم يكونوا المسيطريين على علاقاتهم الحالية، فيقدموا جزئيا اللي الشخص التاني محتاجه، عشان يضمنوا وجوده، وأنه هيبقى تحت رحمتهم هما، فبدون وعي يعتبروا بيقدموا التعزيز المتقطع..
-طب والطرف التاني بعد ما عرف وشاف دا، ليه يكمل؟! ما يمشي وخلاص؟
للأسف الموضوع معقد عن كدا، أنا ذكرت قبل كدا أن الهوس دا بيتحول لإدمان، بالتالي فكرة أنه يمشي وخلاص معناها: أن كيمياء جسمه نفسها هتتغير، زي أعراض الانسحاب من ادمان حقيقي! وعشان كدا بتعتبر من اصعب العلاقات اللي الشخص ممكن ينسحب منها..
وللأسف رغم انها الأصعب إلا أن مفيهاش حل رمادي، يا إما الشخص يبعد عنها أو يستمر في إدمانه..
وربنا يحفظنا جميعا من الأشخاص، والعلاقات دي بشكل عام.
لو حد عنده إضافة للموضوع، أو تعديل لمعلومة ياريت يشاركنا ويفيدنا بيها..
ودمتم سالمين.
بقلم المبدعة:منار بدر الدين
لكن لقيت منه كمية أسف واهتمام غير عاديين، فجه في بالك أنك ظالمه، وهتديه فرصة تانية جايز يتغير..
بس الصادم هو أنك رجعت لنفس عطاءك، ورجع هو لنفس اهماله ولامبالته، فقررت تاني أنك هتقطع معاه، وبمجرد ما تاخد الخطوة.. يرجع تاني يغرقك حب واهتمام، فتقرر تديله فرصة تاني، وتكرروا نفس الأحداث..
-ركز معايا للنقطة اللي بتتكرر هنا:
وهي أن الشخص دا رغم اهماله بيبقى فيه تعلق بيه غير عادي، وأمل لمجرد ذرة اهتمام منه، وكل ما زاد اهماله زاد التعلق! خاصة لما في لمحة كدا يقدم الاهتمام، والحب، وبالتالي استحالة الخروج من العلاقة دي، وتحولها لنوع من الادمان..
-طب ليه دا بيحصل؟
وايه المنطق ورا أننا ننجذب لشخص زي دا؟
طيب خلينا الأول نعمل تجربة بسيطة كدا: هنفترض أننا هنحط في صندوق حمامة جعانة، وفي الصندوق دا زرار، لو الحمامة ضغطت عليه:
•مرة هينزلها أكل كل ما هتضغط على الزرار.
• ومرة تانية مش هينزلها خالص.
• والمرة التالتة هينزلها أكل، بس بشكل عشوائي، ومش دوري.
وفي النهاية نشوف رد فعل الحمامة ايه..
=في الحالة الأولى -مع كل ضغطة على الزرار- نزول الأكل هيبقى شيء مضمون، فمع الوقت هتفقد الحمامة اهتمامها بالضغط عليه، وهتلجأ لدا بس لما تحتاج تاكل.
=في الحالة التانية هيبقى مهما تضغط مفيش أكل بينزل، فهتبطل تضغط على الزرار خالص؛ لأن مفيش أي مكافأة.
=إنما في الحالة التالتة (اللي الأكل بينزل فيها بشكل عشوائي) ممكن يجي في بالنا في الأول أن الحمامة هتفقد اهتمامها بالزرار، لكن العكس هو اللي حصل، الحمامة بقت حرفيا مهووسة بالضغط عليه، لدرجة تحول الموضوع لحد الإدمان!
ودا اللي حصل فعلا في تجربة شبيهة بمثالنا دا، طبقها أستاذ علم النفس، والفليسوف (بورهوس فريدريك سكينر) على الحمام والفئران.
-طب ليه زاد اهتمامها بالشكل دا في المرة التالتة؟! ليه مش المرة الأولى مثلا؟
هقولك.. في الحالتين "الأولى والتانية" التعزيز كان مستمر (سواء إيجابي أو سلبي)، فخلق حالة من الثبات؛ لأن اللي هيحصل متوقع، لكن في الحالة التالتة لما التعزيز بقى مش مضمون، وعشوائي.. خلق حالة هوس اتحولت لإدمان حرفي! لأن في كل مرة الحمامة بتضغط على الزرار بيكون فيه أمل أن المرة دي هيتم اشباع جوعها، أو احتياجها بشكل عام..
ودا المعروف تحت مسمى:
"التعزيز المتقطع أو Intermittent Reinforcement"
وهو باختصار: إشباع احتياجات الشخص بشكل بسيط، وعشوائي، وغير دوري.. وبالتالي الشخص هيبقى دايما في حالة تأهب، واستعداد لأنه يستقبل الاشباع دا، حتى لو متقدملوش مرة واتنين، دايما هيكون فيه اعتقاد، وتوقع أنه في لحظة معينة غير متوقعة هيوصله!
ودا اللي بيعتمد عليه بصورة كبيرة ألعاب زي (القمار)، أن الشخص يحاول فيه بكل مجهوده أنه يعرف نمط التعزيز، ونيل المكافأة، بس مع كل مرة بيفشل بيزيد إدمانه للعبة..
التعزيز المتقطع بيتمثل في حاجات تانية كتير حوالينا منها: أننا كل شوية بنفتح السويشال ميديا، واحنا منتظرين لايك، أو كومنت زيادة، أو حتى رسالة معينة، ولما الاحتياج دا ميتمش اشباعه.. بنمسك موبايلاتنا بعدها بثواني على أمل أننا نوصل للمكافأة، أو التعزيز اللي منتظرينه، وتتكرر الأزمة..
لكن أكتر حاجة بيظهر فيها "التعزيز المتقطع" هي:
العلاقات البشرية..
اللي بتعتمد على أن اللي بيمارس "التعزيز المتقطع أو ال Intermittent Reinforcement" بيلبي احتياجات الشخص التاني بشكل بسيط أوي، ولما الشخص التاني يقرر يمشي يلاقي فجاءة اهتمام، وحب غير عاديين!
فيغير رأيه، ويكمل بس ساعتها التعزيز يرجع متقطع تاني، وبالتالي ميقدرش يخرج من العلاقة دي، وتتكرر الحلقة المفرغة نفسها..
-طيب هل اللي بيعمل كدا بيكون قاصد؟ ولا بيكون مش واعي لأنه بيأذي غيره؟
هو في الغالب اللي بيعمل كدا بيكون قاصد دا بشكل كبير، لكن في أحيان تانية قليلة ممكن ميكونش مدرك أنه بيأذي غيره، ودا غالبا بيكون في حالة الأشخاص اللي اتعرضوا لخبرات وحشة قبل كدا في علاقاتهم، فبيحاولوا يعوضوا دا بأنهم يكونوا المسيطريين على علاقاتهم الحالية، فيقدموا جزئيا اللي الشخص التاني محتاجه، عشان يضمنوا وجوده، وأنه هيبقى تحت رحمتهم هما، فبدون وعي يعتبروا بيقدموا التعزيز المتقطع..
-طب والطرف التاني بعد ما عرف وشاف دا، ليه يكمل؟! ما يمشي وخلاص؟
للأسف الموضوع معقد عن كدا، أنا ذكرت قبل كدا أن الهوس دا بيتحول لإدمان، بالتالي فكرة أنه يمشي وخلاص معناها: أن كيمياء جسمه نفسها هتتغير، زي أعراض الانسحاب من ادمان حقيقي! وعشان كدا بتعتبر من اصعب العلاقات اللي الشخص ممكن ينسحب منها..
وللأسف رغم انها الأصعب إلا أن مفيهاش حل رمادي، يا إما الشخص يبعد عنها أو يستمر في إدمانه..
وربنا يحفظنا جميعا من الأشخاص، والعلاقات دي بشكل عام.
لو حد عنده إضافة للموضوع، أو تعديل لمعلومة ياريت يشاركنا ويفيدنا بيها..
ودمتم سالمين.
بقلم المبدعة:منار بدر الدين
تعليقات
إرسال تعليق