نظرت لي برجاء، نظراتها عابثة، ولا سبيل لبريق أمل أن يصدع بين جفونها. هكذا تكون الضحية، تنهشها الأنياب وتندفع دمائها بشدة مع ذلك تظل تقاوم حتى النهاية، ولن تفتأ حتى تلفظ أنفاسها الأخيرة.
على كلٍ نفد صبري، بامتعاض أجبتها
- تحدثنا كثيراً.
لم أرد جرح مشاعرها أكثر، فقد كثرت ندوبها مؤخراً، جُل ما أردته أن أصدها عن رغبتها المستحيلة وتفكيرها السذج، متى تدرك أن القضية محسومة والمسرحية إنتهت بالفعل، لما تصعب الأمور دوماً. ترقرقت عيناها الواسعتين، وامتزجت دموعها بكحلها الأسود، سلكت طريقها عبر تقاسيم وجهها المليحة والطفولية إلى حد كبير.
لما أخشى إخبارها بالحقيقة، ولما أصدق دموعها الخداعة ونبرة صوتها الحزينة التي تخترق صدري وتتردد به. أتحاشى نظراتها الآسرة قدر الإمكان، لن أضعف هذه المرة تحديداً، لن تأخذني الشفقة ولا حتى عشقي لها.
مرت الدقائق ببطء شديد وبألم أكثر حدة، ألجمت حالتها و نظراتها البريئة لساني، متى تكف عن خداعي ولعب دور الضحية، مع ذلك أيعقل أن أتركها بعد كل ذلك، وبعد ما حدث بيننا. ماذا عن مشاعرنا أهي حقيقة أم وهم، رخيصة أم غالية، لكن هذا لن يغير شيئاً الآن، لقد إتخذت قراري، ما يشغلني الآن هو هل ستتألم أم لا، وهل ألمها ذاك حقيقي أم كذبة أخرى من كذباتها.
تفرست في وجهي وقرأت أفكاري كعادتها، ارتبكَت لوهلة، وازدردت ريقها محاولة قول شيء لا تجرأ على البوح به. تأملتْ مذكراتي على الطاولة المجاورة بأسى، ربما اكتشفت بصحبتها بعض الحقائق عني، أعتقد أن هذا كان ليسهل الأمر كثيراً.
اقتربت مني بخطوات متعثرة ملأها الخوف، اعتصرت قميصي برجاء قبل أن تدفن رأسها في صدري وتبكي بهستيريا، انسالت دموعها بدون توقف، ولم أستطع صدها حين ذلك. استجمعتْ ما تبقى من طاقتها
- أرجوك، صدقني، كل ذلك حقيقي، أنا ومشاعرك وكل شيء.
دق الباب على حين غرة، إلتفتُ إليه متوتراً، تنبهت هي لذلك، أدركت أن رجاءها الأخير سقط صريعاً. ابتعدت عني ومازالت تحاصرني بنظراتها أملاً أن تفلح توسلاتها الأخيرة. دق الباب مرة أخرى، إلتفتُ إليها وحدجتها بنظراتي
- لا يجب أن تكوني هنا.
أردفت بيأس بينما امتلأت عيناها بالعبرات.
- نعم، لا يجب
أخذت في تلاشيها، رميت شوكت الطعام أرضاً، أصلحت هندامي سريعاً واندفعت نحو الباب، فتحته قليلاً ومدت يدي لأستقبل يد حبيبتي الدافئة، سحبتني خارجاً لنجتمع في عناق طويل، أحسست بها تراقبنا مع ذلك تجاهلت الأمر، ومضينا في الطرقة نحو الخارج. استوقفتني الحبيبة فجأة لتسألني عن اللون الأحمر والأسود على قميصي، أدركنا سوياً أنها آثار نسائية بالتأكيد، لكن كيف؟!
تحسست موضع الأثر بينما تسارعت نبضات قلبي بعنف، واتسعت عيناي فور أن تداركت الأمر، "إنها الحقيقية"، بالتأكيد هي كذلك.
تبخرت حبيتي فجأة، وكأنها لم تكن. ركضت بعنف عائداً للغرفة وكما لم أركض من قبل، دفعت الباب بجنون لتستقر عيني عليها. ملقاة أرضاً دون حراك، عيناها جاحظتين، تحدقان في اللاشيء، وتحيط بها بركة من الدماء الدافئة، وشوكتي مغروزة بعنقها!
خاتم أنقذ رواية "مئة عام من العزلة".. سر خروج الرواية العالمية للنور
أفضل 10 روايات يجب عليك قراءتها
كتب وروايات ستستمتع بقراءتها
خاتم أنقذ رواية "مئة عام من العزلة".. سر خروج الرواية العالمية للنور
5 روايات عربية تستحق القراءة، لا تضيع فرصة قراءتها.
9 روايات عالمية رائعة تجعلك تنسى النوم
تعليقات
إرسال تعليق