الثلاثية (بين القصرين - قصر الشوق - السكرية) لنجيب محفوظ تعد الأفضل في القرن العشرين بل في تاريخ الأدب العربي كما ذكر إتحاد الكتاب العرب.
في البداية غفل معشر النقاد عن كنزهم الثمين، حتى فوجئوا بتلك الثلاثية الأكثر من رائعة، حينها أدركوا قيمة نجيب محفوظ، ورحبوا به بحفاوة وبسابق أعماله التي تجاهلوها لفترة ما.
عند صدور الثلاثية في منتصف الخمسينات فوجئ محفوظ باهتمام كثير من النقاد بأعماله السابقة حتى ان الناقد المصري لويس عوض كتب مقالا عنوانه (نجيب محفوظ.. أين كنت)، سجل فيه أن الحفاوة بمحفوظ مبررة ولكنها تدين النقاد الذين تجاهلوه طويلا.علق طه حسين سنة 1956 عن الثلاثية قائلا:
«"أتاح للقصة أن تبلغ من الاتقان والروعة ومن العمق والدقة ومن التأثير الذي يشبه السحر ما لم يصل اليه كاتب مصري قبله.»
مختصر الرواية:
تتمحور الثلاثية بأجزائها الثلاثة حول قصة واحدة، القصص الثلاث تتبع قصة حياة كمال ابن السيد أحمد عبد الجواد من الطفولة إلى المراهقة والشباب ثم الرشد. والجدير بالذكر أن أسماء الشخصيات مأخوذة من أسماء شوارع حقيقية بالقاهرة بحي الجمالية التي شهدت نشأة نجيب محفوظ.يركز الكاتب في السرد الروائي على النمط الإنساني لا على العقدة كما يعتمد على التحليل النفسي والنقد الاجتماعي بلا ميلودراما. ويصبح التاريخ في سطور الرواية "حيا مشهودا" في الأحداث والطرز السائدة في العمارة والأساس المنزلي والملابس والموسيقى والغناء والتقاليد والعلاقات الاجتماعية والسياق الاقتصادي.
يكتب ازاء شخوصه جميعا بنوع من الحيادية، ويرسم لكل نموذج إنساني تناقضه الداخلي العميق وأبعاده النفسية والموضوعية المستقلة عن النماذج الأخرى وعن شخصية المؤلف. حسب بعض النقاد لا نجد عند نجيب محفوظ على الشخصية الوحيدة الجانب.
يرى بعض النقاد أن هناك قطبين لأزمة المرأة خلال زمن الرواية التي تبدأ أحداثها عام 1917 أحدهما ايجابي يمثله السيد أحمد عبد الجواد والثاني سلبي تمثله زوجته امينة والعلاقة بينهما بين ذات وشيء، علاقة غير متجانسة وغير متكافئة وغير إنسانية قوامها الاستبداد المطلق في طرف والخضوع المطلق في الطرف الاخر.
يعيب الناقد نجيب سرور على "جميع النقاد" عدم انتباههم إلى الكوميديا "الواضحة والبارزة جدا" في ثلاثية محفوظ مبديا دهشته من أن خط الكوميديا "فات كل نقادنا" رغم كون الكوميديا طابع أصيل للمزاج المصري الذي لا تستوقفه الا النكتة الصارخة غير المعتادة.
إقتباسات:
الثورة وأعمالها فضائل لا شك فيها مادامت بعيدة عن بيته، فإذا طرقت بابه، وإذا هددت أمنه وسلامته وحياة أبنائه، تغير طعمها ولونها ومغزاها، انقلبت هوسا وجنونا وعقوقا وقلة أدب.
"الصور تتعمق في أنفسنا باندماجها في مختلف الأماكن التي تمتد إليها تجاربنا.."وفاة نجيب محفوظ
تعرَّض نجيب محفوظ لمحاولة اغتيال في عام 1995م، فقد قام شابّان بطعنه في رقبته، وجاءت هذه المحاولة إثر اتهامه الكفر وبأنَّه قد خرج عن الدين، بعد نشره لرواية أولاد حارتنا، لكنَّ هذه المحاولة لقتله لم تنجح، فقد عاش بعدها محفوظ حتى عام 2006م، حيث تمَّ نقله إلى المستشفى بعد أن أُصيب بمشكلات صحيَّة فغي الرئة والكليتين، وتوفي متأثرًا بمرضه في ذاك العام، رحل محفوظ تاركًا وراءه إرثًا ثقافيًا كبيرًا، وبقي أثره ممتدًا في نفس كلِّ محبٍّ له ولأدبه.
تعليقات
إرسال تعليق