القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة "عَبَّارة جهنم" - احمد نيوترون

 عَبَّارة جهنم







1- الجزء الاول

: تاني يا محمد، تغيب كل دا من غير ما ترفع سماعة التليفون تطمني عليك، لسه في الطريق بردو؟!

: آه، متقلقيش يا أمي، أنا بخير اهو الحمد لله، كلها 10 دقايق وأكون قدامك، ملوش لازمة القلق دا كله، خصوصاً إني معدتش صغير.

يحاول محمد مراوضة خوفه أمة، كما يفعل في كل ليله يسرقه فيها الوقت أثناء العمل بورشته، خصوصاً بعد أن تولى مقاليد وزمام العمل إثر وفاة والده محروس، كان والده مهندس ديكور عبقري، عرف بإسم حورس أكثر من كنيته الأصلية، كانوا ينادونه بحورس لعبقريته ودقته في العمل، كأنه أحد مهندسي الفراعنة الأصليين.

: حورس يا ابن الفرعون، إزيك يا أصيل يا ابن الأصيل

عمامة ناصعة البياض، وجه أسود كشوكولاته محروقة، ملامح بشوشة وشارب مهندب كثيابه التي دائماً ما تكون كذلك،عم عاصم، صديق المرحوم حورس ورفيق دربة منذ أكثر من 30 سنة وحتى يوم وفاته، لم يفارقة لحظة منذ عرفه حتى حال بينهما جدار القبر المتهالك.

: إزيك يا عم عاصم، أخبار المدام وأولادك؟

لم يجبني، شرد للحظات في اللا شيء، كأن أحد الذكريات الهزلية تعرض أمام عينه مباشرة، يقطع صمته بغته

: بخير، الحمد لله على كل حال، أخبار شغلك أنت إيه، لسه هالك نفسك في الورشة زي أبوك؟

: بحاول أكمل إللي بدأه الفرعون ي عم عاصم، لازم حلمه يعيش علشان يفضل عايش وياه.

شق إبتسامه كهلال القمر معلقة على شفتيه، عينيه السوداوتين لا تكذبان، تلمعان بالأمل، وتتسعان بسعادة.

:صحيح، فرعون ابن فرعون.

يربت على كتفي بود، ثم يدير كتفاه العريضين، كأنه يحاول إخفاء قلق بدى واضحاً على يده التي تهتز بتوتر، ورأسه التي تتحرك يميناً ويساراً بدون أي هدف واضح، قد بدى لي قلقاً على نحو غريب، ينظر للضباب بخوف بينما أترقبه أنا بحيرة،ما الشيء الذي قد يخيف عم عاصم من الضباب!؟

الضباب المتكدث في الجو يجعل الرؤية شبة مستحيلة، كل شيء قد إختفى من حولي عدا ضوء كشافات العبارة القادمة من بعيد، تقترب ببطئ وهدوء مخيف، كأنها خالية تماماً عدا من تلك الأشباح التي تقودها نحونا!

: لا حول ولا قوة إلا بالله، إسترها يا رب.

بثبات جسدي وكلمات مهزوزة تداعى من الخوف وتدعي الشجاعة يقطع عم عاصم ذلك الصمت المخيف دون أن يلتفت لي.

: ماله دا كمان،

أخاطب عقلي دون ان تأخذني جرأتي للبوح بأي من هتراتي.

يتبع..


 مع تحياتي: أحمد نيوترون

تعليقات